على مدى سنوات كانت ملفات تمثال ملكة مصر نفرتيتي بنسخته الرقمية تُحفظ تحت حراسة مشدّدة في متحف Neues الألماني. ولطالما منعت سلطات المتحف الزوار من التقاط أي صور للتمثال النصفي في محاولة للاحتفاظ والسيطرة على حقوق الملكية.
إلا أن حادثة عام 2016 قلبت كل شيء، بعدما أقدم فنانان من سكان برلين بزيارة المتحف الألماني بشكل متخفّي، وتمكنا من تمرير من جهاز مسح ضوئي ثلاثي الأبعاد إلى المتحف ووضعه دون أن يُكتشف في الغرفة التي تحتوي على التمثال المصري، واستطاعا إنتاج نسخ رقمية مثالية للتمثال الذي تم حفره لأول مرة في عام 1345 قبل الميلاد.
ولم يكتف الفنانان بإصدار نسخة رقمية غير شرعية للتمثال، بل تمت مشاركتها من على الفور عبر الإنترنت، مما أضرّ بسياسة متحف Neues وسمعتها بعدما خُرقت بهذا الشكل.
ردّة فعل علماء الآثار والخبراء الرقميون المصريون!
بعدما راقت العلماء المصريون والخبراء الرقميون الأبعاد الدقيقة للنسخة الرقمية عن كثب، وطريقة نسخ أدق التفاصيل كالرقبة وغيرها بطريقة عالية الجودة والدقة، شكّكوا بأن طريقة المسح حصلت كما أُشيع في وسائل الإعلام، أي من خلال تمرير ماسح ضوئي من تحت المعطف.
واعتبروا بأن الرواية كاذبة، ووضعوا فرضية تفضح القائمين على المتحف وتُفيد بأن المسح أجري بعد السماح للفنانين بالوصول “المطول” و “غير المتقطع” للقطعة الأثرية القديمة.
وكان الفنان كوزمو وينمان من المتحف المصري هو من توصل لهذا الاستنتاج، مقتنعاً بأن المسح قد أُنشئ من متحف Neues نفسه، وعليه قرر أن يأخذ الأمور الى القضاء، وشنّ دعوة قضائية ضدّ المتحف الألماني كما طالب بتحرير بيانات النسخة الرقمية لتصبح مُتاحة للعلن على الانترنت وبشكل مجاني.
وبعد 3 سنوات، فاز وينمان بالمعركة القانونية، كما انطلق من قضيته هذه الى إطلاق حملة تدعو لإصدار جميع عمليات المسح الضوئي ثلاثية الأبعاد وغيرها من البيانات المخزنة من قبل المتاحف في كل أنحاء العالم.
يُذكر بأنه هذا التمثال النصفي لطالما كان موضوع جدال بين مصر وألمانيا، نظرًا لكونه من ممتلكات الحضارة المصرية وموقع عرضه في ألمانيا، حيث اكتشفه الألمان في مصر قبل مئة عام ونقلوه الى ألمانيا.
في تفاصيل النسخة الرقمية لتمثال نفرتيتي
على الرغم من أن متحف Neues لم يوضح أبدًا من أين أتت عمليات المسح بالفعل، إلا أن ثمّة تفاصيل استند عليها وينمان ليفوز بقضيته ويفضح ما أخفاه متحف Neues بتسهيل عملية صنع النسخة الرقمية للفنانين.
فيلتقط المسح ثلاثي الأبعاد عالي الدقة كل التفاصيل الصغيرة للتمثال الذي تم إنشاؤه عام 1345 قبل الميلاد. من رقبة نفرتيتي الرفيعة إلى غطاء رأسها المزخرف، وعظام الوجنتين المرتفعة، وكحل العيون المرسوم بشكل حاد. وتكون نموذج الألوان الكاملة من أكثر من 6 ملايين مضلع ثلاثي.
كما تم حفر ترخيص حقوق الطبع والنشر في النسخة الرقمية السفلية من التمثال النصفي الذي يدعي ملكيته والحق في التحكم في كيفية استخدامه. هذا الترخيص يرتبط ارتباطًا مباشرًا بمتحف “Neues” نفسه.