تُعتبر الرضاعة الطبيعية التحصين الأول للطفل لما توفّره له من عناصر غذائية أساسية له ومن فوائد لمناعته. كما أنّها فرصة ذهبية للترابط ما بين الأمّ والرضيع. لذلك توصي منظّمة الصحّة العالمية بأن تكون الرضاعة الطبيعية حصرية لعمر ستّة أشهر، والشروع اعتباراً من الشهر السادس باعطاء الطفل أغذية تكميلية مع الاستمرار في ٳرضاعه طبيعياً حتّى بلوغ عامين من العمر.
وبموازاة أهمية الرضاعة، فانّ هناك مسألة أخرى تشغل بال الكثير من الأمهات وهي الفطام. فهناك قلق من تأثيره على الطفل وكيفية تطبيقه دون تأثيرات سلبية. لذلك سنتطرّق الى تفاصيل هذا الموضوع مع الاختصاصية في الرضاعة الطبيعية نور الهدى عزّالدين.
لماذا يُعتبر تطويل فترة الرضاعة قدر الامكان مهمّاً سواء للطفل أو الأمّ؟
حليب الأمّ هو الغذاء الأمثل للرضيع لأنّه يمدّه بكلّ المغذّيات، ويحتوي الأجسام المضادّة التي تحميه من الأمراض. لذلك من المهمّ تطويل فترة الرضاعة قدر الٳمكان سواء بشكل مباشر من الثدي أو عبر شفط الحليب وتقديمه للطفل في الزجاجة. والرضاعة مهمّة أيضاً للأمّ لما تولّده من رباط عاطفيّ مع طفلها، لذا نجد العديد من الأمّهات التي يشعرن بالحزن اذا اضطررن للتوقف عن الرضاعة.
ويمكن للأمّ أن تستشير اختصاصية في هذا المجال لكي تساعدها في وضع استراتيجية مناسبة لتطويل فترة الرضاعة.
ما هي الأضرار التي يمكن أن تنتج عن الفطام المفاجئ للطفل؟
في ظلّ نمط الحياة السريع الذي تعيشه الأمّهات خصوصاً العاملات، وعودتهنّ السريعة للعمل بعد الولادة، يمكن أن تقدم بعضهنّ على الفطام المفاجئ للطفل. ولكن لذلك العديد من الأضرار التي يجب التنبّه لها:
– على صعيد الطفل: يشعر الرضيع بأنّ الرضاعة الطبيعية هي بمثابة ملاذ آمن له وقد أخذ منه بشكل مفاجئ في حال الانقطاع الصادم عن الرضاعة دون أي تمهيد. ويمكن أن يتعامل بطريقة سلبية مع الموضوع عبر البكاء، الصراخ، الضرب، العضّ وصعوبة النوم. كما يمكن ألا يتقبّل الحليب الصناعي، وذلك يجعله عرضة لسوء التغذية في حال لم يتمّ توفير مصدر الغذاء بشكل مباشر.
ونشير الى أنّ هناك طرق خاطئة جداً في الفطام المفاجئ تعتمدها بعض الأمهات دون التفكير بتأثيرها على الطفل مثل وضع لصقة على الثدي أو الحرّ بهدف تنفيره. لكن ذلك كلّه يسيء للطفل نفسياً ويصعّب عليه الانتقال الى الحليب الصناعي أكثر فأكثر.
– على صعيد الأمّ: الفطام المفاجئ يؤثر سلباً على الأمّ أيضاً خصوصاً اذا كانت ترضع طفلها بكثرة، فهي يمكن أن تعاني من تحجير الثدي والألم الكبير. وفي حال عدم علاج هذه الحالة عبر الشفط والكمادات يمكن أن تؤدي الى التهابات في الثدي.
لذا يبدو واضحاً لماذا يجب اتّباع الفطام التدريجيّ المهمّ للطفل والأمّ على حدّ سواء.
ما هي الاستراتيجيات التي يمكن أن تعتمدها الأمّ للفطام التدريجيّ؟
انّ طريقة الفطام التدريجيّ تختلف بحسب عمر الطفل. فالسيناريو الأمثل يكون باستمرار الأمّ في الرضاعة حتّى عمر السنتين. ولكن في حال عدم قدرتها على ذلك، يمكنها بعد عمر السنة أن تفطم الطفل تدريجياً دون الحاجة لحليب صناعي، حيث يحصل على حاجاته الغذائية من خلال الطعام الصلب. ويتمّ ذلك باتّباع استراتيجيات عدّة: توفير الرضاعة الطفل في النهار والتوقف ليلاً أو العكس، تخفيف عدد الرضعات أو مدّتها، والحدّ من عرض الرضاعة على الطفل.
أمّا اذا كان الفطام سيتمّ قبل ٳتمام السنة، فعندها يجب ٳدخال الحليب الصناعي تدريجياً وذلك يُسمّى بالتغذية المختلطة لنتأكد من حصول الطفل على التغذية المناسبة عبر الحليب قبل التوقف عن الرضاعة. وهنا يجب الاشارة الى أنّ هذا الأمر يمكن أن يأخذ بعض الوقت، لأنّ الرضيع يمكن أن يرفض الحليب وتحتاج الأمّ لتجربة أكثر من نوع لايجاد النكهة المناسبة له.
تجد العديد من الأمّهات تحدّياً في الفطام الليليّ ويصفنه بأنّها الأصعب مقارنة بالنهار، كيف يمكن أن يتعاملن مع هذا الموضوع؟
قبل عمر السنة، نشجّع الأمّ على الاستمرار في الرضاعة الليلية. وبعد تجاوز هذا العمر وتناول الطفل الأطعمة الصلبة، يمكن أن يُفطم تدريجياً ليلاً من خلال الاستراتيجيات المقترحة أعلاه أي تقصير فترة الرضاعة وتكرارها. لكن ما يجب أن تعرفه الأمّ في هذا المجال، أنّ الطفل بعد تجاوز عمر السنة يمكن أن يستيقظ ليلاً لأسباب عاطفية مثل بحثه عن أمّه وحاجته للأمان أكثر من الجوع. وبالتالي، يمكن احتضان الطفل واعطائه بعض الماء ليعود الى النوم بعدها.
اذا كان لديكم أي تساؤلات اضافية عن الرضاعة الطبيعية أو الفطام، يمكنكم التواصل مع نور الهدى عزّالدين عبر www.sohatidoc.com