أعدّت هذه المقابلة بالتعاون مع:
أناقة، قابلية للارتداء والاستدامة... هذه هي المبادئ الأساسية لعلامة "سديم" (Sadeem) للأزياء الجاهزة والراقية، والتي أسّستها المصمّمة السعودية سديم الشهيل. فهذه العلامة تقدّم التصاميم لكلّ مرأة تبحث عن الأناقة، ولكن في الوقت نفسه تريد أن تكون مرتاحة في اطلالتها. كما يكون لديها الاهتمام بالحفاظ على البيئة تماماً كما الحفاظ على ستايلها الراقي. ولنتعرّف أكثر على سديم، كان للصحافية ماريزا كوتيلاس هذه المقابلة معها.
كيف بدأتِ مسيرتك في عالم الموضة؟
مسيرتي في عالم الموضة بدأت في عاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض. فمنذ طفولتي كنتُ أمضي الكثير من الوقت في محترف قريبتي المتخصّصة بالأزياء، حيث كنتُ أرى كيف تتحوّل الرسومات الى ابداعات حقيقية. هذه التجربة ولّدت لدي الرغبة في تنفيذ تصاميمي الخاصة. وبعمر التاسعة عشر، انتقلتُ الى الولايات المتحدة الأميركية حيث درستُ تصميم الأزياء في "جامعة ماريماونت" (أرلينغتون، فيرجينيا).
بعد التخرّج، اكتسبتُ الخبرة في عالم الموضة عبر العمل ككبير المشترين في أول متجر عالمي لهارفي نيكولز في الرياض. وبعد عملي لسنوات عديدة هناك، صقلتُ مهاراتي لأدرك الفروقات الدقيقة في أسواق الموضة بين الولايات المتحدة الأميركية، أوروبا والشرق الأوسط. في العام 2009، عدتُ الى الولايات المتحدة وحصلتُ على شهادة الماستر في ادارة التصميم من "معهد برات" في نيويورك.
ما الذي أثار اهتمامك بالتصميم المستدام؟
دراستي في "معهد برات" كانت مصدر الهامي الأساسي للتفكير بالاستدامة والأخلاقيات في تصميم الأزياء. فمنهج الدراسة لبرنامج ادارة التصميم كان يدور حول أهداف التنمية التي وضعتها الأمم المتحدة. وهناك اكتشفتُ أنّ كلّ ما يحيط بنا، هناك من صمّمه. فكمصمّمين، من واجبنا أن نتنّبه الى مصادر المواد، يجب أن نفكّر أين سيكون مصيرها، كيف ستكون دورة حياتها، والأهمّ كيف سيكون تأثيرها على البيئة ومجتمعنا.
فكيف يمكن أن يكون للموضة تأثيراً ايجابياً على الكوكب الذي نعيش فيه؟ التوعية، التوعية وثم التوعية! من المحزن اكتشاف أنّ صناعة الموضة تأتي في المرتبة الثانية بين أكثر الصناعات تدميراً لنظامنا البيئي بعد صناعة النفط والغاز. فصناعة المنسوجات تلوّث الهواء، الماء والتربة. كما أنّها تهدر الطاقة وتستنفذ مواردنا الطبيعية. والشعوب حول العالم تعاني كنتيجة لذلك من السموم التي تحيط بها.
لذا فانّ مصمّمي الأزياء ومنتجيها يمكن أن يكون لهم تأثير ايجابي على الكوكب من خلال الشراكات الاستراتيجية، التركيز على نوعية التصميم والابتكار. ذلك بالاضافة الى استخدام ألياف وأصباغ طبيعية، مصنوعة بشرياً وغير سامة. واليوم أكثر من أي وقت، أصبح بامكاننا حماية البيئة عبر الابتكار، فالنفايات البلاستيكية التي تجمع من المحيط مثلاً يمكن أن يُعاد تدويرها الى مواد مستدامة تستخدم في عالم الموضة.
ما هي مصادر الهامك لمجموعاتك الثلاثة؟
مجموعتي الأولى "مانهاتن" (MANHATTAN) كانت تقديراً منّي لنيويورك، هذه المدينة التي يعشقها قلبي والتي عشتُ فيها سنوات عديدة. فهندسة أفق هذه المدينة أوحى لي كثيراً، خصوصاً جمال الخطوط في مبنى "امباير ستايت"، زخرفة الآرت ديكو ومبنى "كرايسلر".
أمّا مجموعة "ديكو" (DECO) فتمّ تصميمها بالتعاون مع مصمّمة المجوهرات السعودية نورة الفيصل، مؤسسة "NUUN Jewels". فهذا التعاون أتى ليحتفي بروعة حقبة الآرت ديكو وما تميّزت به من فخامة. فقد وجدتُ أنا ونوره أنّنا نتشارك حبّ الأناقة غير المحدودة بزمن معيّن، ووجدنا أنّ تصاميمنا تتكامل مع بعضها.
وبالنسبة لمجموعة "نوتيكال" (NAUTICAL)، فهي تركّز على فكرة الابحار نحو وجهات غير معروفة، استكشاف سواحل وثقافات جديدة. وقد استوحيتها خصوصاً من بذلة البحّار، أشكال الصدف ونمط الحياة الفاخر على اليخوت. وهذه المجموعة فيها اطلالات غير محدودة بأي زمن، وتتنوّع بين الستايلات الكاجوال اليومية الأنيقة وتلك المناسبة للسهرات الفاخرة.
عموماً، فانّ معظم الاشكال والخطوط التي أعتمد عليها تأتي من عالم الهندسة المعمارية والحيوية، مع التركيز على المهارات اليدوية والمواد المستخدمة. أمّا الالهام فيعكس غالباً مزاجي وما يحيط بي.
من مجموعة "ديكو" – تصوير تيمور ايميك (Timur Emek) في باريس
لماذا تعتبر دبي مستقبل عالم الموضة؟
في السنوات القليلة الماضية، أصبح العديد من المصمّمين الشرق أوسطيين يسرقون الأضواء على السجادة الحمراء. من آشي ستوديو الى زهير مراد وغيرهم من المصمّمين العرب الذين نرى أزيائهم يتمّ اختيارها من قبل المشاهير وحتّى الشخصيات الملكية، وهم يحظون بتقدير عالمي. كما أنّ اطلاق مجلّة "فوغ أرابيا" منذ حوالي السنة، ساعد كثيراً في التعريف بالعديد من المصمّمين العرب عالمياً.
في الامارات العربية المتحدة، شهدنا تأسيس D3 أي حيّ التصميم في دبي، وذلك كمبادرة حكومية لتطوير وتعزيز الابتكار والابداع في عالم التصميم. وهناك العديد من العلامات العالمية الفاخرة والشركات الناشئة التي سارعت لحفظ مكان خاص لها في هذا المكان. والعديد من مبادرات D3 تتضمّن مساندة وتعزيز مكانة المواهب المحلية والاقليمية. فهناك ورش عمل تقام بشكل مستمر، وستوديوهات مجهّزة ومعهد لدراسة التصميم، بالاضافة الى عروض الازياء المستمرة والمعارض الخاصة بالتصميم. فكلّ هذه العناصر جعلت من D3 وجهة أساسية لكلّ الصيحات، وهي تحظى بتغطية اعلامية واسعة.
كما أنّ عالم الموضة في بحث دائم عن مصمّمين صاعدين، والمنطقة العربية لديها الكثير لتقدّمه في هذا المجال، ودبي هي المنصّة المناسبة لذلك.
من مجموعة "مانهاتن" – تصوير توماس نورثكات (Thomas Northcut) في نيويورك
ما هي التحدّيات أمام تقديم علامة موضة لجمهور عالمي؟
في عالم اليوم، أصبح ذلك أسهل بكثير من قبل. فبفضل التسوّق الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، بات تسويق العلامة متاحاً بسهولة. لكن التحدّي الأساسي هنا هو الحصول على الاعجابات، مشاركة التغريدات والمنشورات، والذي يؤدي في نهاية المطاف الى تعزيز التغطية الاعلامية للعلامة وتحفيز مبيعاتها.
أخبرينا أكثر عن المواد التي تحبّين استخدامها في تصاميمك والتحدّيات التي تواجهك على صعيد أخلاقيات العمل في مجال التصميم.
أحبّ العمل بمواد طبيعية ومبتكرة، مثل خامات الحرير الاصلية المستخدمة في مجموعة "مانهاتن" والتي تمّ معالجتها بتقنية النانو لكي تكون غير قابلة للتلطيخ. فأنا سعيدة جداً باعلام زبائني أنّهم سيوفّرون الطاقة والماء لأنّهم لن يحتاجوا لغسل ملابسهم.
الا أنّ ايجاد مواد مصنّعة لتكون مستدامة لم يكن سهلاً بالنسبة لي، فللأسف معظم مصانع الأنسجة تمزج الخلطات الاصطناعية والصبغات غير الصديقة للبيئة مع الألياف الطبيعية. كما انّ المواد المنتجة والمصبوغة طبيعياً تصنّع في بلاد فقيرة مع ظروف عمل سيئة جداً.
لكن لحسن الحظّ، أنّ الحفاظ على البيئة والتفكير بالاستدامة بات صيحة رائجة، والعديد من الشركات تأخذ المبادرات في هذا المجال عبر استخدام الطاقة البديلة وتصنيع المنتجات المبكرة. وقد اكتشفتُ مؤخراً أنّه يمكن انتاج مواد الجلد الصناعي من الأناناس، والخامات المتشابهة مع الحرير من البرتقال. هذا الأمر مهمّ لي، فكلّ هذه المواد قابلة للتحلّل وتعبّر عن مسؤوليتنا الاجتماعية.
من مجموعة "نوتيكال" – تصوير ايرين سيكوليك (Irene Sekulic) في مالاغا، عارضة الأزياء آنا سانتوس (Ana Santos)
هل ما زال صعباً على المرأة أن تنجح في مجال الموضة؟
لم أواجه أي تحدّيات في هذا المجال لأنّني امرأة.
ما هي الأهداف الخاصة بعلامة "سديم" حالياً؟
أهدافنا حالياً العمل والتعاون مع جمعيات خيرية بهدف تقوية المجتمعات المهمّشة، حماية المنتجات المصنوعة يدوياً والأعمال الحرفية. كما نطمح الى الوصول الى سوق أكبر، وأن ترتدي النجمات من علامتنا على السجّادة الحمراء.
يمكن الاطلاع أكثر على العلامة وما تقدّمه من تصاميم على الموقع الالكتروني: www.bysadeem.com